بَوحٌ على شفةِ الغديرِ مُعَلّقُ *** وبماءِ نشوتهِ يُضِيءُ الزّنبَقُ
فعبرتُ اخترقُ الزّمانَ يَشُدّنِي *** صوتٌ بأوصالِ الصّدى يَتَدَفّقُ
"من كنتُ مولاهُ فهذا الـمُرْتَضَى مولاهُ " أعلنَهَا الكمالُ الـمُطْلَقُ
وهو العَلِيُّ بِنَعْلِهِ اعْتَلَقَ العُلا *** يعلو على هامِ الجَلالِ ويَشْهَقُ
شَهِدَ الِجدارُ ببيتِ ربِ العرشِ إذ *** شقّ الفؤادَ على وِدَادِكَ يَخْفقُ
والعادياتِ وذو الفقارِ و" لا فتى *** إلا عليًا " تَسْتَرِقُ.. وتُعْتِقُ
حتى البديهةُ تَسْتَشِفّكَ ساطعًا *** لاريبَ فيكَ ويَجْتَلِيكَ المَنْطِقُ
فَتَفَتّحَتْ أبوابُ بوحِكَ بعدما *** كانت مصاريعُ الكلامِ تُغَلّقُ
تروى .. وما أشهى أحاديثَ السّمـــــــاءِ على لسانِ الماءِ .. شهدا يُهْرَق
أركُضْ بِرِجلِكَ واملأ القِربَ التي *** عطشتْ طويلا فالرّؤى تَتَخَلّقُ
فتفايضَ العشقُ.. اندلقتُ تماهياً *** قُدّي قميصكِ يا مرايا أمْرُقُ
يَتْلُو .. تُمَارِيهِ الشّياطينُ التي *** انكفأتْ بأقنعةِ الرّضا تَتَمَلّقُ
ما كان إلا لحظةً من وهجِها انــــــــتثرتْ ملائكةُ السّما تَتَحَلّقُ
ويَدُ الأُلُوهَةِ فوقَ أيديهِمْ إذا *** ما أشْرِعُوهَا لِلوِلايَةِ تَسْبِقُ
فالسّابِقونَ السّابِقونَ كما الفَــــــرَاشِ بِجَوهَرِ الضّوءِ الّلطيفِ تَعَلّقُوا
وكما السّنابِلِ يَنْحَنُونَ توددَا *** وإذا بِقَمْحِ يَقِينهمْ يَتَفَتّقُ
عَبَقوا بِرائِحَةِ الولاء كَأنهم *** رَوْحٌ وريحانٌ .. هُنالِكَ يَعْبَقُ
وقَفُوا على مَعنَاكَ مَحْض حَقيقةٍ *** وإليكَ ذاهلةً وقفتُ أُحَدّقُ
كالشمسِ تكنسُ ما تبقى من ظــــــــلامٍ لـُحْتَ في غبشِ التّأوّلِ تُشْرِقُ
ووَدَدتُ ألتقطُ الغديرَ بِفِكْرةٍ *** لم تُبْتَكَرْ قَبْلا ولا تُسْتَنْطَقُ
أمعنتُ في تَطرِيزِها وكأنما *** حبري اللّجَيْنُ .. وصَفْحَتي الإسْتَبْرَقُ
فَرَشَفْتُ من ريقِ البَلاغَةِ حينما *** كادَ الغدير بعذب ذكرك يَشْرُقُ
لكنني مهما غَرَفْتُ يَقُولُ لي الــــــــعُمْقُ الأخيرُ بأن شَخْصَكَ أعْمَقُ
فمددتُ روحيَ بايعتكَ قصائدي *** ويَقينُ قلبي للقيامةِ موثِقُ
وفَرَدْتُ أجْنِحَتي على كَتِفِ الغَدِيـــــــــــرِ فراشةً بِكَ "يا عليُّ" أُحَلّقُ
إيمان دعبل